بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
الإقتصاد هدف روحاني في الحياة
[ و على الله قصد السبيل ]
الأمل الزائف :
يعيش بعض الناس في متاهات خيالية , و يتوقع حصول أمور أشبه ما تكون بتوقعات ذلك الإنسان الذي كان جالسا يوما من الأيام أمام جرة من عسل , ثم راح يحدث نفسه بصوت عال و يقول :
سوف أبيع هذه الجرة وأشتري بها جرتين , ثم أبيع الجرتين بعد فترة وأشتري أربع , وأبيع الجرار الأربع وأشتري ثمان جرار , وأبيع الثماني ليكون عندي ثمن بقرة . وإذا ما اشتريت البقرة سأبيع حليبها كل يوم , وسوف أجمع المال لكي أشتري قطيعا من الأبقار , ثم أتزوج إبنة الوالي , و إذا ماعصتني في أمر سأضربها في بطنها , هكذا , وما أن دفع رجله حتى سقطت الجرة على الأرض فانكسرت وضاع مافيها من عسل على الأرض .
إن أمنية هذا الرجل هي الأساس الذي يقوم عليه اقتصاد هذا الرجل , واقتصاد أمثاله قائمة على الأماني , أما مقومات الإقتصاد الحقيقي هي تلك التي تحدث عنها الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في عهده إلى مالك الأشتر لما بعثه بعهد الولاية على مصر : ( وتفقد أمر الخراج بما يصلح أهله فإن في صلاحه صلاحهم صلاحا بمن سواهم , ولا صلاح من سواهم إلا بهم , لأن الناس كلهم عيال على الخراج وأهله , وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في إستجلاب الخراج , لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة , و من طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد و لم يستقم أمره إلا قليلا )
و من هنا لابد من الإنطلاق من الواقع العملي للإنسان وليس من خلال الأماني عندما نريد أن نتحدث عن الإقتصاد يقول الله تعالى : [ و على الله قصد السبيل ] فما معنى قصد السبيل ؟
إن حقيقة القصد هو الإقتصاد على ما يقوم حياة الإنسان و عدم التبذير في حياته .
يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : ( عليكم بالقصد في المطاعم فإنه أبعد من السرف وأصح للبدن و أعون على العبادة ) .
ويقول عليه السلام : ( من صحب الإقتصاد دامت صحبة الغنى له وجبر الإقتصاد فقره و خلله ) .
و يقول الإمام الرضا عليه السلام : ( و ليكن نفقتك على نفسك وعيالك قصدا فإن الله عز و جل يقول : [ و يسألونك ماذا ينفقون قل العفو ] . و العفو الوسط . قال الله تعالى : [ والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا ]0
إننا نرى الكثير من الناس من يبذر في حياته بداعي السخاء مثلا , إلا أن الإمام الصادق عليه السلام يقول : ( ليس السخي المبذر الذي ينفق ماله في غير حقه , والبخيل الذي لا يؤدي حق الله في ماله ) .
كما نرى البعض يبذر أمواله هنا وهناك لأجل التبذير أو لعدم قدرته على التصرف بأمواله و ( من لم يحسن الإقتصاد أهلكه الإسراف ) وقد يبذر البعض أمواله إرضاء لشهواته النفسية .
يقول الإمام أمير المؤمنين علي عيه السلام : ( عليك بالقصد فإنه أعون شيء على حسن العيش , و لن يهلك امرؤ حتى يؤثر شهوته على دينه ) .
وهل تراه مؤمنا من يؤثر شهوته على دينه ؟
يقول الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام : ( المؤمن سيرته القصد وسنته الرشد ) .
مقتطف من كتاب